( هناك، حيثُ يعشقها ) – الشاعر/ محمّد العُرَفي .. مصر

هناك، حيثُ يعشقها

يتمزّقُ النهرُ في

شقوقِ الفجرِ المعتلّ

يعودُ بحطامِ الأصدافِ

تنضحُ ملامحُها كندوبٍ

على جلدِ اللآلئِ الذابلة

كأنَّ الضوءَ يُسحَبُ من مسامهِ

دون أن تنهارَ أضلاعُ البريق

أو تُفزعَ حنجرةُ النقاء

هناك، حيثُ يعشقها

يُجرجرُ خطواتهِ بثقلِ الفراغ

يُطرقُ أبواب الوحدةِ

كمن يُنقّبُ عن صدى

ضائعٍ في متاهةِ صمت

يُساومُ الهواءَ على أنفاسهِ

ويفرغُ نزيفَ قلبهِ

في كفٍّ مثقوبة

لا تحتفظُ إلّا برجعِ الخواء

هناك، حيثُ يعشقها

يبعثرُ فتاتَ أيامهِ

على أرصفةِ العابرين

أطفالٍ يتعقّبونَ وهماً

يتحلّلُ تحتَ شمسِ الظهيرة

وشيوخٍ يتكئونَ

على ذاكرةٍ تذوبُ

كشمعةٍ في غرفةٍ بلا جدران

هناك، حيثُ يعشقها

يُفرّغُ آخرَ أوزانهِ

في جيبِ العتمةِ الصمّاء

يُصغي لارتطامِ الفراغِ

بصمتٍ أعمقَ من القاع

يدركُ أنَّ الصوتَ

لا يولدُ من الضجيج

وأنَّ الليلَ

أشدُّ صلابةً

حينَ يُغلقُ عينيهِ

على قلبٍ لا ينبض.

…………………………..

اللوحة للفنانة المصرية/ ياسمين ناصف