Skip links

( نداهة المنيل .. نداهة الكتابة ) – قراءة في مجموعة نداهة المنيل للكاتبة تاميران محمود – بقلم الكاتب/ حسام المقدم .. مصر

تاميران محمود من المخلصين لمجد القصة، تكتب نصوصها بتأن وتمعن، ورؤية للإنسان في وضعه الوجودي الحالي، في الزمان المتحول ورائحة المكان..
“نداهة المنيل” (بيت الحكمة 2023) قصص ثقيلة الوزن الفني، تبقى مقيمة في الخاطر، تحوم وفي كل مرة تفتح دلالات وعوالم. لا يمكن لنص مثل “أدرينالين” أن يترك قارئه دون أن يفجر فيه سؤال اللعب بالإنسان، بدعوى العلم كأنه فأر تجارب في عصر الإعلان والدعاية الرهيبة، لعب مخادع للشخص نفسه في استجابته وتسليمه وتحويله لمجرد حالة يعملون عليها: (أنتِ حالة مهمة، واستجاباتك رائعة.. ). على جانب مقابل هناك بطلة “سلم خشب”، المغتربة المُفلسة في أمريكا، وهي ترفض الاستمرار في مهزلة بيع بويضاتها لستيفاني وزوجها بعد تجربة سابقة وفّرت لها السكن والدخل، ترفض المزيد من الإهدار لتحظى بحياتها هي، وجودها الحي الباقي.
في “بياع الكرنب” تجري محاولة تغيير جلد إنسان دون أن يضع منفذو العملية الدعائية ذلك الإنسان في حساباتهم، غيروا القشرة، صنفروا الطلاء، ومصطفى بياع الكرنب في النهاية صرخ وبكى كطفل، حين بدأوا في إعداده للإعلان عن ملابس داخلية.
أما قصة “نبوية” فلا شك أنها مفاجأة، برجوعها إلى زمن فنان كبير استثنائي هو محمود سعيد، نص يقدم الفنان في أروع مظاهره الإنسانية خلال تعامله مع “نبوية”، الموديل الذي سيرسمه بعد ذلك. أتى بها من قسم الشرطة من وسط فتيات الليل، وفّرَ لها كل شيء، السكن والعمل والزوج، لتكون الحكاية نفسها أجمل لوحة يرسمها فنان بسلوكه قبل ريشته.
تبدأ تاميران نصوصها بدايات درامية، حوار أو مشهد، تمضي لغتها ناصعة بلا زوائد، شفافة لكل ما تحمله النصوص، حتى تلك التي تحمل علاقات شديدة الارتباك والحساسية في “اللعبة x ” و”بالعودة يا فاطمة”، أو في قصص وظّفت الجانب المعرفي والتاريخي الشعبي أو الأدبي أحيانا، كل شيء داخل النص وفي سياقه، حتى المقتطفات من أعمال مهمة تدور في ذهن قارئة نهمة (قصة: طريق النصر) تُجري حوارا مستمرا مع شخصيات فنية شديدة الحضور لديها. وقد يكون عصب النص كتابا ألفه رجل أجنبي في “نداهة المَنيَل”.. يستفز صاحبة الحكاية لتثبت أن الرجل لم يعرف المَنيَل الحقيقي، كما عرفته هي، بكل ما عاشته فيه وشَمّت رائحته وأكلت أكْلَه.
من الصعب الطواف بكل القصص في مجموعة كبيرة الحجم والقيمة، مكتوبة بروح ترى وتراقب وتنشغل بلا توقف، وقبل كل شيء: تكتب كل قصة بمجهود رواية، بخلاصة رواية مُقطّرة.

………………………..

Leave a comment

arArabic
Explore
Drag