Skip links

( كُنت خائِفًا ) – الشاعر/ محمد ود عزوز .. السودان

كُنت خائِفًا حينها
من بشاعة الصباح
من الصِبيةِ الذين يأكلون أعمارهم ببطءٍ في المزبلة
من الجرو الذي تنمو أنيابُهُ فحسب
من الفتاةِ التي عبرت بقُربِنَا
وعدلت بنطالها بلا اكتراث
من الجُندي الذي حمل جمجمةً ورمى بها في الحقيبة
من يديكِ الصامتتان
رغم الثرثرة الحامضة للمسافة الصغيرة بيننا

لكنني
كُنت أختبئ في معطفي الأسود ، كحدادٍ عالقٍ في مزاج مُسدس
أختبئ في المعطف
وأضحك على الصباح الذي يرتدي قلنسوةً زرقاء مثل المُهرج
يبيعُ معاجين أسنان
لها رائحة الخراب
و لون الطحالب
و شكل حُزن قديم

كنت خائِفًا
لأنكِ طفلة تبدين
وأنتِ ترتدين الأنوثة هكذا
طافحة بالنظرات
وأنتِ تمُدين نهديكِ كمطرقة صلبة
تطرقين بها الرغبات المسننة
لتُغرس عميقًا
في مخاوفي المتصدعة
تبدين طفلة
بوجهكِ العالق في الرحيل
وأرجلك التي تلتهم المدينة كفأرٍ شَرِهٍ

لقد كُنت خائِفًا
من أطفال أطلقنا عليهم أسماء الشوارع
من شُهداء يجلسون على المصطبة
يُراجعون أسماء الحبيبات
وربطات شعرهم
وكيف يبدون حين ينسون رائحة الطلقات

أود أن أرحل الآن
إلى أي مكان
لا يكون فيه على أسناني أي جوع مخبئ
إلى مكان
تكون فيه الأرجل مهمتها التنزه
وليس القفز على الرؤوس
تكون فيه الأعين
لتأمل الياسمين الذي يتنزه في ابتسامات الحبيبات
وليس البكاء

لا أريد أن أموت
هنا
تحت رايةٍ منكسة
كجنرال مهزوم
تحت كلمة مُضغت بكل الأنياب الشريرة
تحت قصيدة محكومة بإطارٍ من الغباء
تحت سراويل تفتح سحابها وتبرز أعضاءها لتتبول علينا
لا أريد أن أكون مبولة يا إله

دعني أكون قصيدة
في فم شاعر لا ينظف أسنانه حتى
أو أكون حمالة صدر لفتاة بلغت سن الرعشة لتوها
أو أكون طريقًا لا تطأه أحذية عسكرية ولا مومسات بخيلات
وإذا لم تكن قادرًا على كل ذلك
اجعلني يافطة لمهرجان عن القطط
يمكنني أن أكون كل شيء
سوى مبولة
فأنا لا أحب رائحة البول
ورائحة امرأة تنام في جسد لا يعنيها
لكي تُكفر به
عن حب خذل صدرها منذ عِدة أجساد
………………………………………
اللوحة للفنان/ غسان نعنع .. سوريا

Leave a comment

arArabic
Explore
Drag