
أمشي على أصابعي
كي لا أوقظ الصغار
والعالم كله -يا أمي- صغار!
خبريني متى صرت كبيرًا فجأة
إلى حد جعلي وحيد العالم،
ووحيدك!
خبريني متى صرت
أكبر إنسان في العالم!
كنت أسأل نفسي منذ سنوات
عن شعور الإنسان الأول
الذي لم يسبقه أحد
نحو الخوف والوحدة!
بالأمس كنتُ الإنسان الأول
بفزعه وعتمته
في تسليم مطلق
لأعظم ألم قادم
من يجرب الخوف مرة
على طريقة إنسان الأرض الأول
يا أمي..
بإمكانه أن يفتح الباب لأي وحش!
لست وحيدًا تمامًا
الأحباب يصطفون خلف بابي
بأحضان ملضومة من أجلي
ولكن لم يعد بإمكاني مواجهة باب الرقة
ولو كانت الجنة بالخارج
لن أفتح لها، لن آخذها
لم يعد بإمكاني استقبال الحب
أو تصديق العطايا
فأنا لم أغفر لأبي بعدُ
رحيله المبكر عني
ومهما بدت الرقة على وجهي مهذبة
إلا أنك لا تعلمين -من وراء أمومتك- شيئًا
عن عنف الرقة وقسوتها
حينما يُجرح الأبناء في أغلى ما لديهم
حينما يُقتل الأبناء،
وتطلب منهم الحياة الاستمرار فيها!
إذًا أنا وحيد وخائف
في مواجهة باب أمامي
لكل فضلات العالَم من وجع وصدمة!
وحر ومدلل وآمن وأنا أملك بابًا خلفيًّا
يكوم خلفه مئات الأحباب
اطمئني..
المعادلة في قلبي ما زالت متزنة
ربما تسكن العتمة عيني
ولكنها لا تغطيها
ربما أخاف كثيرًا
ولكني ما زلت أملك
قوة أول إنسان في العالم.
…………………………..