Skip links

( حرفية اصتياد الواقع وتكبيل القارئ ) بين ضفتي المجموعة القصصية ( الصياد ) – للكاتب/ عبد الرحيم عبد الهادي – بقلم/ أشرف عزمي .. مصر

لطالما أمنت ان سرد تفاصيل الحياة البسيطة الدارجة في كل المجتمعات تصيب المتلقي بسحر ما وبمشاركة حيوية وامتاع إذ أن للواقع ببساطته ومعانته ومعايشته سحر لا يقاوم كان هذا الواقع مريرا أو مرضيا أو مفرحا ، وعلى عتبات المجموعة القصصية
( الصياد ) للكاتب/ عبد الرحيم عبد الهادي  تظهر ملامح القنص المضفرة بحرفية السارد لتفاصيل حياتية تخرج برشاقة من الذاتية للتعميم على طبقة عريضة من المجتمع الذين تتأرجح حياتهم بين الكثير من الهموم والقليل من الفرح .

حيث تتسم المجموهة القصصية ” الصياد ” والتي تتكون من أحدى عشر قصة قصيرة بسلاسة السرد وحرفية فى التخلص في الكثير من أدوات العطف ، واستخدام الكثير من الافعال المضارعة التي تضع المتلقى داخل الحدث وتجبره على الانغماس في الاحداث تلك الأفعال المضارعة التي يكون بطلها السارد حيث يقول في قصة ” صورة حديثة ” والتي بدأ بها المجموعة ( أفتح باب الشقة بهدوء.. أرفعها وأضغط .. أقوم بتحميل الصور .. أقترب من الغيطان .. أعود لكتابة وصف المشاهد ) تلك الجمل التي تتميز بالأنية والتلاحق مجبرا المتلقى على اللهاث وراء احداث القصة والمعايشة وايضا المشاركة ولو بابتسامة أو بدهشة أو مقارنه بين حياة السارد وحياة المتلقي اللذان يشتركان في الكثير من هذا الحكي القصصي ممسكا الكاتب عبد الرحيم عبد الهادي بخيط درامي ينقلك بين أحداث كل قصة برشاقة وسلاسة متحررا من الكثير من الجمل بقصد مشاركة المتلقي في استنباطها وتوقعها فيخلق بهذا نوع مثير من الجدل وتنشيط وجدان وأريحية المتلقي .

وبالولوج للقصة الأولى ( صورة حديثة ) والتي قدم فيها القاص عبد الرحيم عبد الهادي محاكاة واقية للسواد الأعظم في المجتمع ، رب الأسرة الذي يهاب لوم زوجته له لانه اشترى شئ يحبه ” كاميرا حديثة ” وقرر أن يقول لها أنها هدية من أحد اصدقائة ، من هذا المدخل استطاع الكاتب أن يسرد حال الأسرة المصرية البسيطة التي يظل عائلها في حسابات دائمة ليمر شهر تلو الشهر وكيف أنه كي يستطيع أن يشتري ملابس للتريض سيوفر هذا من امتناعه عن الافطار مع زملائه في العمل وبالقصة أمثلة كثيرة لفعل أشياء على حساب أشياء يتم الاستغناء عنها وكأن عنوان القصة صورة حديثة ودلالة الكاميرا يتجلى بوضوح صارخ في حرفية التقاط تلك المشاهد البسيطة لحياة واقعية لكثير من أسر المجتمع والمعاناه التى تقع على رب الأسرة للخروج بأسرتة من أنياب مصروفات شهر لأسرة عادية .

ويستمر القاص عبد الرحيم عبد الهادي في عرض أحداث قصصه بمشهدية عاليه وبعين كاميرا تنقل كل التفاصيل بحرفية قناص حيث يقول في قصة ” لم أستطع اقتناص القمر ” وهو يتأهب لتصوير الأحداث التي كانت تجري في مدينته أجا والتي واكبت ثورة يناير 2011 وما ترتب عليها من احداث متلاحقة ” أضع أصبعي على الزناد وأبدأ في إطلاق اللقطات ” .. ” وأبدأ في التصويب على كل شيء أراه من شباك الكاميرا ” وكأن الكاميرا سلاح ، حيث استخدم القاص جملة ” مجرد توثيق ” هذا التوثيق الذي أراد أن يفعله دون التورط في الاحداث القائمة الا انه نال نصيبه من تلك الأحداث حيث فتحت رأسه وسالت منه الدماء . القصة بها اسقاطات كثيرة وتصف بدقة الحالة التي كانت عليها التيارات التنافرة في المجتمع أثناء الثورة .

وفي قصة الصياد يواصل العرض المشهدي لكدر تعج به الحياة كثيرا المرض واقتراب الموت والصبر عليه وعلى الخضوع لتعليمات الأطباء من الالتزام والمنع عن ممارسة الحياة الأمر الأشبة بالموت الحي وربط هذا الصبر بالصيد والصبر المطلوب له بحرفية الكاتب في توصيل الفكرة من خلال التفاصيل الدقيقة الجاذبة للقارئ والتي تضعه بين رحى الإثارة .

يواصل القاص عبد الرحيم عبد الهادي بحرفيته في غزل تفاصيل الحياة بكل جدليتها وأحاسيسها موضحا خضوع الانسان بين فكي رحى تفرمه بلا خلاص حيث يختتم مجموعته بقصة رائعة تسمى ” المتاهه ” تلك القصة التي لم تخلو قرية مصرية من أحداثها يحس كل ريفي وهو يقرأها أنه بطلها مر بأحداثها .

وقد اتسمت كل ققص تلك المجموعة بوعي القاص في تفتيت اللقطة وصنع الحدث من خلال هذا النقل السردي الحرفي لاحداث حياتية انسانية تصلح لكل الأزمنة ولكل البشرية مهما اختلفت أوطانهم ، تاركا للقارئ مسافات من المشاركة والتوقع والتأويل كل حسب ذائقتة وثقافته .

في النهاية هي مجموعة جديرة بالقراءة تستطيع أن تضف للقارئ رأي ما أو حكمة ما أو ثقافة مغايرة لبعض القراء .

……………………………..

Leave a comment

arArabic
Explore
Drag