
– 1 –
كان وحيداً
يغرسُ ظلَّه
في نهارٍ لا شمس لهُ
يلقي بحصاطه لبركةٍ
لا ماء فيها
يُسرجُ دروبه بمسافاتٍ
لم تذقْ طعم جهاته
تترقُ سمائَه غيومٌ
خارجةٌ عن الأفق
كلَّما خلعَ قميصَ أسفارِه
قاذفاً بسنَّارتِه لاصْطيادِ هُدْنةٍ مُؤَقَّته
تصاعدَ إيقاعُها
وكأنَّها حفلة زار أفريقية
يُجبرهُ على تهيئةِ جراره
– 2 –
هكذا قراتٌه
منذ أول زهرةٍ ألقاها في حديقتي
كنتُ أعدُ له موائدَ الحروفِ فيلتهمُها
يسكبُ لي أقداحَ الشعر فأستزيده
أحدقُ في عينيهِ
فأراني أعومُ في امتداده الأزرق
أساله
هل ترى ما أرى؟
يجيبني
هل ترى ما أرى!
أفزع لوهلةٍ
وأعيد تصويب بوصلتي مرة أخرى
فأراه ماثلا بكامل بَرْقه وبَريقِه
كلما هَومتُ أسئلتي
أسرجَ تنورها بحطبِ احتمالاتِه
فتنقدحُ شهيتها بألسنةِ الفضولِ
لأبدأ من جديد
كيف تَحسْسْتَ مزاجَ الريح
ورهنْتَ أشْرعتَها لرياحك
كيف أقنعت النهر أن يعبركَ مرتين
أن يأخذكَ بعيداً بعيداً
كيف لقَّنْتَ بوصلتَك
أن تمخُرَ عُبابَ الجهات
نوارسَك أن تزفكَ ببشائرِ اليابسة
قمركَ أن يشُقَّ جدارَ الليل
– 3 –
هكذا عرفتُه
كلما خانَني قمرٌ
مد ذراعيهِ لينتشل عتْمتي
كلما تعثَّر بشمسٍ
ألقيتُ له ظلي
كلما جَفْت خطواتنا
اصطَدْنا غيمة
لنُعيدَها لبوصلةِ المطَرْ
………………………………..