Skip links

(الإبــــداع – عُمـــــرٌ افتــــراضي) – نزار أبو ناصر .. فلسطين

حسن كامي ( رحمة الله عليه ) فنان الأوبرا الشهير والذي توفي في 14- ديسمبر-2018م تحدث في لقاءٍ تلفزيوني قبل وفاته – قال بأنه وبعد أن كبر في السن ، رفض أن يعود للأوبرا .

قراره المدروس والذكي جاء بعد أن غنى أوبرا عايدة للمرة 440 وبعد 42 سنة من الغناء قرر التوقف وقالها بالحرف : ” السن له احكام ، ومش عايز أبوظ سمعتي على عَجَز ” .. الإبداع يا سادة له عمر ، كما هي دورة الحياة ، والإبداع بالذات عمره أقصر من الكفاءة ، والنجاح أقصر منهما المبدع يجب أن يفهم بأن تجديد دمه مطلوب ليقدر على تصبير نَفَس الابداع لديه ، والتجديد يكون بالخروج عن المألوف في مصادر المعرفة والقراءة والتعلم والتدريب والتجريب الانتقائي.

وربما الذكاء وحده من يبقى ليردعه عن تكرار أو تمطيط منجزه الإبداعي والذي قد ينتهي عن طريق الدوران في نفس الحلبة أو النفخ في قربةٍ مقطوعة. الذكاء عاملٌ ضرويٌ لحالة الإبداع ، حتى تشد حباله بثباتٍ ومتانة تجهيزاً للظهور العلني ، فأنت حين تخفيه عن أعين الجمهور ستسمح له بمساحةٍ للنضج واللمعان ، وتسمح للعقل أن يعمل هوايته في فرض الوعي للتهذيب والإتقان ، بل وكمبدعٍ ناجحٍ عليك ان تدرك في أي ملعبٍ بالتحديد ستلعبها بمهارة . ..

نعم نحن نحتاج لكلمات الإشادة والتصفيق الحقيقي ، لكنَّا لا نحتاج للنظر بعين اللامبالاة بل والشفقة أحياناً ، نحتاج لكل طرق التواصل لنظهر ما لدينا ، لكنا لا نحتاج لفرض أنفسنا على الجمهور في حالة مَرِض حالتنا الإبداعية أو شيخوختها. والشيخوخة هنا تعني التجمد والتقوقع على نفس المعطيات، وعدم التجويد و اللاجديد والتكرار والتقليد والقوالب الجاهزة ، وفرط التسويق لا سِحر التشويق.

الشيخوخة الإبداعية قد تأتيك في سن العشرين ، لأنها تكون نتيجة حتمية للإنتاج المتسرع واستجداء الحصاد ،وربما نتيجة العشوائية وعدم الاستشارة واستسهال الحالة الفارقة بمجانية اللحظة . ..

أحياناً كثيرة نرى فناناً كبيراً أو شاعراً كان متميزاً أو نرى أحد المبدعين الشباب المغمورين ، نشفق عليهم لأنهم قد يصلون للشيخوخة الإبداعية في نفس اللحظة التي يحتفلون بها ببعض إنجازهم.

…………………………..

Leave a comment

arArabic
Explore
Drag