
استهلال
أغنية ((أحبابنا يا عيني) لصاحبها الشاعر الكبير بيرم التونسي والتي غناها كل من فريد الأطرش والمطربة وردة الجزائرية، أغنية تنتمي للزمن الجيل، زمن الكلمات الهادفة والألحان المتميزة والأصوات الطربية، هي أغنية تتحدث عن العشق الحقيقي، الذي عبر عنه نزار قباني قائلا: (قلوبنا لا تختار من العشق إلا أصعبه).
أغنية (أحبابنا يا عيني) تؤرخ لمعاناة العاشقين وشقائهم جراء الرحيل، لأن (العشق هو تلك الشعلة التي عندما اشتعلت أحرقت كل شيء ما عدا المعشوق)، كما قال جلال الدين الرومي.
أولا: في شقاء العاشقين
صحيح ان (العشق هو ترك الاختيار) بتعبير جلال الدين الرومي، لكن هذا العشق يدفع ثمنه العشاق بسبب الرحيل، فيعيشون في شقاء وعذاب نتيجة فراق الأحبة:
(أحبابنـــــا يا عيــــني ما هم معانـــا
رحنا وراحوا عنا
ما حد منا إتهنى
عيني يا عيني)
ثانيا: في غياب الهناء
ذات بهاء هتف حافظ الشيرازي: (أسكر بكأس العشق قبل مماتك، فما عرفت معنى الحياة لو لم تذق في حياتك عشقا).
هذا العشق قاتل عند الرحيل، لأن لعنة الفراق تطارد العشاق، تذكرهم بكل اللحظات الجملة والبهية التي عاشوها، تذكرهم ب(سوبرانوفا) نجمة الأعالي، النجم المضيء المتألق بشكل دائم، تذكرهم بملحمة البهاء، تذكرهم ب(عشتار) الهة الحب والجمال، تذكرهم بأشعار العشق:
(أحبابنــــا بالـروح جــــــاروا علينــــا
يا هل ترى في بالهم ولا نسيونـا
رحنا وراحوا عنا
ما حد منا إتهنى
عيني يا عينى
نفسي أشوفهم مرة
والفرقة صعبة مرة)
ولهذا قال العباس بن الأحنف في بوحه الكبير: (فلم أرَ مثلَ الحبّ أبلى لأهله.. ولا مثل أهل العشقِ أشقى وأصبرا).
ثالثا: في تراكم الأشواق
الشوق حنين وانتظار عودة المحبوب، الوق عبر عنه ميخائيل نعيمة بصدق، فقال: (أعطني الشوق البعيد البعيد، فشوقي إلى البعيد هو صلاتي، والبعيد هو معبدي).
وبصيغة أخرى قال عنه محمد شكري: (إن ما يجعلنا نستمر معًا هو أن كلانا ليس ملكًا للأخر كليًا، هكذا يظل الشوق بيننا).
فيصدح فريد الأطرش مغنيا:
(في كل يوم يزيد شوقى إليهم
روح يا نسيم بالله سلم عليهم
نفســى أشــــوفـــهم مــــــرة
والفُــرقــة صعبــــة مُـــرة
عيني يا عينى)
وهذا ما عبر عنه أمل دنقل:
(شيءٌ في قلبي يحترق
إذ يمضي الوقتُ فنفترقُ
ونمدّ الأيدي يجمعنا حبٌّ،
وتفرّقها طُرُقُ)
خاتمة
تعتبر أغنية (أحبابنا يا عيني) من أجمل ما غنى الموسيقار فريد الأطرش، حيث استطاع تجسيد لوعة الفراق وألم الرحيل بكل صدق.
وأجمل ما نختم به، مقطع رائع من قصيدة لبدر شاكر السياب:
(ليلٌ ونافذةٌ تضاءْ …
تقولُ أنكِ تَسهرينْ إنِّي أُحسِّكِ تهمسينْ …
في ذلك الصمت المميت ألنْ تخفَّ إلى لقاءْ …
ليلٌ ونافذةٌ تضاءْ تُغشي رؤاي وأنتِ فيها ثم ينحلُّ الشعاعْ …
في ظلمةِ اللَّيل العميقْ ويلوحُ ظلكِ مِن بعيدٍ …
وهو يُومئ بالوداعْ وأظلُّ وحدي في الطريقْ).
أغنية (أحبابنا يا عيني)
كلمات بيرم التونسي
ألحان وغناء: فريد الأطرش
غناء: وردة الجزائرية
(أحبابنـــــا يا عيــــني ما هم معانـــا
رحنا وراحوا عنا
ما حد منا إتهنى
عيني يا عيني
أحبابنــــا بالـروح جــــــاروا علينــــا
يا هل ترى في بالهم ولا نسيونـا
رحنا وراحوا عنا
ما حد منا إتهنى
عيني يا عينى
نفسي أشوفهم مرة
والفرقة صعبة مرة
في كل يوم يزيد شوقى إليهم
روح يا نسيم بالله سلم عليهم
نفســى أشــــوفـــهم مــــــرة
والفُــرقــة صعبــــة مُـــرة
عيني يا عينى)
……………………………….