
اسمُكَ نبضٌ لا ينامُ
في صحراءَ من صمتٍ،
شظيةُ ضوءٍ في رفٍّ قديمٍ،
رائحةُ ورقٍ يتنفسُ
من كتابٍ
لم يُفتحْ بعدُ.
ندواتُنا نافذةٌ،
نُشكلُ فيها الأفقَ
جسرًا نعبرُهُ،
إلى مدينةٍ لم نرَها،
تتقاسمُ الثلجَ والدفءَ،
تفتحُ أبوابَها لخطواتِنا،
كأننا أولُ ساكنيها.
قوافيكَ عطرٌ،
يتصاعدُ من ليلٍ صامتٍ،
ندى يتساقطُ
على كتبٍ مفتوحةٍ،
تدفئُ بها القلوبُ،
نافذةٌ صغيرةٌ،
تشقُّ جدارَ الروحِ،
تطلُّ منها الحكاياتُ،
أعمارٌ أخرى تتجدَّدُ،
كلما نطقتُ باسمكَ.
ـ قلتَ لي ذاتَ صمتٍ ـ
الإبداعُ،
هو الوجهُ الآخرُ للخلودِ،
الوجوهُ تتساقطُ،
كأوراقٍ مثقلةٍ بالمطرِ،
يظلُّ الحرفُ واقفًا،
كشجرةٍ،
تعرفُ طريقها إلى الضوءِ.
الغيابُ؟
ليس موتًا،
إنه شجرةٌ أخرى،
تتأرجحُ في ريحِ الفجرِ.
شعاعٌ يتسرّبُ
من شقوقِ الغيومِ،
خطواتٌ تتركُ أثرها
على أرضٍ مبتلةٍ بالحنينِ.
أدركُ…
أن ما يغيبُ جسدٌ،
يبقى سرابًا من نورٍ،
يهدي الصحراءَ
طريقها إلى الأبدِ.
)الواقفونَ على الثغورِ بلا سماءِ، واقفونَ،
والنيلُ في أقصى الجنوبِ،
يعبئُ الأحلامَ في الحزنِ المقيمِ.
وقفوا…
ورملُ اللهِ في سيناءَ يغصبه الغريبُ،
والماءُ في البئرِ الحزينِ ملوّثٌ بالفقدِ،
والأوجاعُ والطعمُ الشريدُ،
حزنٌ كأن النخلَ آناتٌ مشرّدةٌ،
تساقطَ دمُعها، تمرُ البعادِ(.
— عمادُ قطري، التغريبةُ السينائيةُ —
النهرُ الذي تركتهُ،
ليس في دمي فقط،
بل في اللغةِ،
ينسابُ… ولا يجفُّ.
ما زالت (التغريبةُ السينائيةُ)
تمشي بيننا،
كأنها قصيدةٌ تبحثُ عنكَ،
في الرملِ والندى،
كنّا نطوفُ معًا…
آخرَ الصفوفِ،
الخطواتُ عبادةٌ،
الدعاءُ يعلو،
كقمرٍ يخرجُ من بينِ الحشودِ،
همستَ لي:
الطوافُ صلاةٌ ثانيةٌ،
والسيرُ ذكرٌ لا ينطفئُ.
تمشي معي،
في كل قطرةِ مطرٍ،
في كل ورقةٍ تتأرجحُ،
في كل صمتٍ،
ينبتُ منه الضوءُ،
الآن،
أمشي وحيدًا،
أرتدي قميصَ الغيابِ،
أستظلّ بظلك،
كمن يستظلّ بسماءٍ بعيدةٍ،
اِعلم أن النورَ الذي تركتهُ
في صحرائي
لن ينطفئَ.
…………………..
👁️ عدد المشاهدات: 74