لا أحب أن أقدم محمد عباس شكر بوصفه شاعرًا، لأن كلمة (شاعر) على سعتها لا تكفي وحدها لتفسير هذا الامتداد الطويل من المعنى.
فبعض الأسماء لا تُعرف بالمهنة، بل بالتجربة، ولا تُقرأ من أول سطر، بل تُفهم بعد صبرٍ وتأمل.
ومحمد عباس شكر واحد من أولئك الذين لا يمرون في اللغة مرورًا عابرًا، بل يتركون فيها أثر خطى، كأنهم عاشوا داخلها زمنًا أطول من غيرهم.
وُلد في أربيل، وهناك دون ضجيج تعلم أن الجبال لا تتكلم كثيرًا، لكنها حين تفعل، تفعل بصدق.
وربما من دروب الصمت الأولى جاء ميله إلى الشعر العمودي، ذلك الشكل الذي لا يحتمل الثرثرة، ولا يغفر الكذب، ويطلب من قائله أن يكون متماسكًا من الداخل قبل أن يكون موزونًا من الخارج.
لم يكن الشعر عنده بديلًا عن العلم، بل امتدادًا له، فالعقل الذي عرف الخرائط والقياسات، هو نفسه الذي كان يرى في القصيدة بناءً أخلاقيًا قبل أن تكون بناءً جماليًا.
كتب كثيرًا، نعم… لكن الأهم أنه عاش ما كتب.
أكثر من مئة وخمسة وثلاثين ديوانًا لا تعني غزارة إنتاج بقدر ما تعني إصرارًا على البقاء في ساحة المعنى.
كأن الرجل كان يخشى أن يترك اللغة وحدها في زمنٍ قاسٍ، فظل يرافقها، ديوانًا بعد ديوان، يحرس الوزن من التفكك، ويحرس الفكرة من السقوط في السطح.
لم يكن منشغلًا بأن يكون مختلفًا بقدر ما كان منشغلًا بأن يكون صادقًا، فهو يعيش في مغامرة كبرى.
وعندما صعد بالشعر إلى المسرح، لم يفعل ذلك بدافع التجريب الفني فقط، بل بدافع القلق:
قلق الشاعر على لغته، وعلى جمهوره، وعلى المسافة التي اتسعت بين القصيدة والناس.
في الأوبريتات التي كتبها وقدمها على مسارح القاهرة، كانت الفصحى تستعيد حقها في الغناء، وكان الشعر يستعيد حقه في أن يُسمَع لا أن يُقرأ فقط.
لم تكن تلك العروض ترفًا ثقافيًا، بل محاولة جادة لرد الاعتبار للكلمة العربية في فضاءٍ صار سريع النسيان.
غير أن محمد عباس شكر لا يُفهم بعيدًا عن فعله الثقافي العربي.
فالمهرجانات التي أطلقها أو قادها لم تكن مناسبات احتفالية، بل كانت أشبه برحلات إنقاذ للمعنى.
من (سلامًا يا عراق) حيث صار الشعر فعل شفاء بعد الحرب إلى (في حب النيل) حيث تحولت القصيدة إلى موقف، وصولًا إلى مهرجان (حياة يا عرب) الذي لم يكن مجرد عنوان بل فكرة، ثم واقعًا، ثم حدثًا غير مسبوق في امتداده، حين جاب العراق مدينة مدينة، خمسةً وثلاثين يومًا، لا ليستعرض الأسماء، بل ليؤكد أن الثقافة قادرة إن صَدَقت أن تعيد لبلدٍ متعب بعضًا من توازنه الداخلي.
أما الأوسمة والبُرد والقلائد، فهي في حقيقتها تفاصيل جانبية في سيرة أكبر منها.
هي إشارات اعتراف، لا أكثر، بأن هذا الرجل لم يتعامل مع الشعر بوصفه موهبة شخصية، بل بوصفه مسؤولية عامة.
وحين لُقّب بعميد الشعراء العرب، بدا اللقب وكأنه يلخص المسار لا يتوجه.
مسار رجل آمن بأن القصيدة لا تعيش وحدها، وأن الشاعر إن لم ينحز للإنسان خسر مبرر وجوده.
محمد عباس شكر لا يكتب ليُدهش، ولا ليُقال عنه (شاعر كبير)، بل يكتب لأنه لا يعرف طريقة أخرى للوفاء لما يؤمن به. وفي زمنٍ اختلطت فيه الأصوات، وتراجعت فيه الرؤى، يظل حضوره تذكيرًا هادئًا بأن الشعر الحقيقي لا يصرخ…
هو فقط يبقى.
……………………….
سيرة ذاتية )
* محمد عباس شكر.
* • • ولد بالعراق بمحافظة أربيل.
* حاصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة صلاح الدين عام 1986 م.
* حاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة بغداد عام 2003 م.
* • • يجيد اللغة العربية والكردية والإنجليزية.
* له منشورات فى العديد من الصحف العربية والعراقية.
* • • صدر له (152) إصدارا توزعت (8) مقالات وافكار فلسفية.. و(7) مجاميع نثرية.. (2) كتب جواهر ولآلئ من بحار القرآن الكريم والباقي (135) ديوانَ شعر وهناك ست عشرة ديوانا جديدا تحت الطباعة والتنقيح .
* أول شاعر عربي يقوم بتأليف وإنتاج أوبريت شعري غنائي باللغة العربية الفصحى يتغنى بحب مصر وعُرض بدار الأوبرا المصرية.
* • له ثلاثة أوبريتات جديدة تم إنتاجها وعرضها مؤخرا في القاهرة وهي أوبريت (حديثة عذراء الأنبار) وأوبريت (رمضانيات بغدادية) والأوبريت الكبير ( العبور انتصارالخير على الشر ) وذلك على أكبر مسارح القاهرة وهما مسرح الفن جلال الشرقاوي ومسرح هوسابير .
•الشاعر الوحيد الحاصل على بُردة فارس الشعر العربي من جامعة الأزهر الشريف من كلية التربية في المنصورة.
•• • حاصل على بردة الشعر العربي في مهرجان نابل بتونس وقلدها له الفنان العربي الكبير لطفي بوشناق.
* حاصل على بردة فارس شعراء العمود من الجامعة اللبنانية في طرابلس.
* • • حاصل على بردة الشعر من جامعة بابل العراقية.
حاصل على بردة فارس شعراء العمود من الجامعة المرعبية في لبنان.
* حاصل على بردة الشعراء العرب من جامعة تكريت العراقية.
* • • حاصل على بردة الشعر العربي من الجامعة اللبنانية الدولية في البقاع الغربي في لبنان.
* حاصل على بردة الشعر والشعراء من معهد الهندسة وتكنلوجيا الطيران في جمهورية مصر العربية.
* • • حاصل على بردة عميد الشعر العربي من البرلمان المصري 2019م.
* • • حاصل على بردة عميد الشعراء العرب من جامعة كركوك.
* • • حاصل على بردة عميد الشعراء العرب من الجامعة المستنصرية.
* • • حاصل على بردة عميد الشعراء العرب من جامعة أهل البيت.
* • • حاصل على بردة عميد الشعراء العرب من المعهد الفرنسي في بغداد.
* حاصل على بردة عميد الشعراء من جمعية محاربي أكتوبر في القاهرة.
حاصل على قلادة الإبداع من منظمة البرلمانات العربية
حاصل على لقب عميد الشعراء العرب من عدة مؤسسات حكومية رسمية وجامعات وبرلمانات وبتأييد آلاف الشعراء والعلماء والادباء والفنانين والشخصيات العامة.
* مؤسس ورئيس مؤسسة فرسان عمود الشعر الثقافية.
* • • نظم ودعم ورعى عدة مهرجانات شعرية كمهرجان كربلاء مع نقابة المعلمين العراقيين، ومهرجان حديثة مع الحكومة المحلية، ومهرجان الهندية مع مؤسسة الفكر العربي
ومهرجان الهندية مع مؤسسة الفكر العربي، ومهرجان بابل مع مؤسسة الإبداع، ومهرجان دجلة الخير في بغداد لدعم الحصة المائية لنهر دجلة، ومهرجان على خطى الثائرين الذي أقيم على قاعة الجواهري ومهرجان (في حب مصر) في جمهورية مصر العربية بالتعاون مع جامعة الأزهر الشريف في المنصورة ومع نادي دكرنس ومع اتحاد الكتاب المصريين بمناسبة احتفالات أكتوبر الخالدة.
ومهرجان (سلاما يا عراق) والذي أقيم في ست محافظات عراقية ولأول مرة يحصل في العراق وبمشاركة كبار الشواعر والشعراء العرب والعراقيين بمناسبة انتصار العراق على داعش
* أطلق فكرة واسم مهرجان (في حب النيل ) في محافظة سوهاج ودعم جزء من المهرجان دعمًا لحصة مصر في نهر
النيل.
أطلق ورعى وأدار وترأس مهرجان (حياةً يا عرب) الدولي المتعدد والذي يحدث لأول مرة على مستوى الوطن العربي حيث انطلق من جمهورية مصر العربية ثم الانتقال إلى لبنان ومن ثم تونس وفي المستقبل القريب سيكون في السودان .
ثم كانت الانتقالة الكبرى الى العراق حيث أقيم في ست عشرة محافظة ومدينة وعلى مدار خمسة وثلاثين يوماً طاف أنحاء العراق شمالا وجنوبا وغربا وشرقا ووسطا وبواقع أكثر من ثلاثين جلسة وأمسية وإصبوحة في عدة جامعات ومعاهد ومدارس وكليات ومؤسسات فأصبح أكبر مهرجان أقامته العرب على مر التأريخ والعصور.
قاد قافلة من كبار شعراء العراق والوطن العربي في عدة مناسبات ومهرجانات في العراق والسودان ومصر وتونس.
شارك في الكثير من الفعاليات الأدبية والثقافية.
تم انتخابه نائباً لرئيس إتحاد الأدباء والشعراء والفنانين العرب والذي تأسس عام 1984 في جمهورية سوريا العربية
……………
ومن قصائده
لا تسكبِ الحبرَ
لا تَسكبِ الحبرَ بعضُ الناسِ خطّاطُ
من فنّـهم طرّزوا حرفاً إذا خاطوا
هم يصمتونَ بلا ضوضاءَ تُشغلهم
والحبرُ ناطقُـهم .. والخطُّ أشراطُ
قد يكتبونَ شهاداتٍ لمدرسةٍ
طلّابُـها النومُ والأستاذُ إحباطُ
أو يكتبونَ شهاداتٍ لجامعةٍ
أجواؤها العلمُ والقرطاسُ فسطاطُ
لو دوّنوا الشعرَ جاءَ النثرُ يحسدُهُ
قد يَحسدُ الجيْـدَ في الأوزانِ أقراطُ
وحاملُ الشعرَ بالأنغامِ متّـزنٌ
بشطرتين على الإبداعِ ربّـاطُ
قد يرسمونَ ظهورَ الفكرِ منكشفاً
وقد عَلَـتْـهُ منَ الجُـهَّـالِ أسواطُ
وربَّـما رسموا نيرونَ منتصراً
وكانَ منهزماً بالرسمِ سقراطُ
ما بينَ هاتيكَ لوحاتٌ وأغلفةٌ
تؤطِّـرُ الشمَّ عندَ الظلمِ يشتاطُ
لا تعلمُ النفسُ ما قد يكتبونَ غداً
أو يرسمونَ ..فَـهُـمْ بالقلبِ أنماطُ
وآخرونَ نُـهوا عن مرسمٍ زمناً
وآخرونَ من الأقلامِ مُـحتاطُ
قُـصاصةُ العقلِ قد تغدو مُـجلّـدةً
ولوحتينِ بها… علوٌ وإسقاطُ
أو يكتبونَ على الجدران أغنيةً
ألحانُ مَـنْ قاوموا بالصدرِ أنواطُ
أو يكتبونَ مع الجيرانِ سهرتَـهمْ
ما كلُّ مَـن نقضَ الوجدانَ أخلاطُ
أو يركبون على بحرٍ بريشتهم
وكلَّ مَـنْ رسمَ الأمواجَ يحتاطُ
بعضٌ إذا نبشَ التاريخَ يكشفُـهُ
ويفضحُ السرَّ والمدفونَ أرهاطُ
ماتوا وقد دوّنوا شوطاً يخلِّدُهمْ
ما زالَ في هامشِ التخليدِ أشواطُ
وكلُّ مَـنْ بَحَثَوا قد أخطأوا نِـتَـفَـاً
وما يُعابُ على البُـحّـاثِ أغلاطُ
والراسمونَ هَـوَوْا تصويرَ محنتِـنا
وكدّسَ اللونَ بالإبداعِ إفراطُ
ومنهمُ المبدعُ المطبوعُ موهبةً
هم قلّـةٌ مثلما في الدينِ أسباطُ
هم نخبةٌ جادتِ الدنيا بطابِـعهمْ
للفنِّ في لغةِ الأطباعِ أشراطُ
ومنهمُ الأكثرونَ اللا يفارقُـهم
عندَ التسفسطِ أجزاءٌ وأقساطُ
والكاتبونَ بلا التكليفِ محْنتُـهمْ
عينٌ تُـحاصرهمْ والعينُ أقماطُ
كم يُـحسَدونَ على آثارهمْ.. فشلاً
فالفاشلونَ شرارُ القومِ أمشاطُ
لا تسكبِ الحبرَ إنَّ الحبرَ عالمُـنا
وليحتفي القاريءُ الأدنى … وأوساطُ
قرّبْ يراعَكَ ولنكتبْ بلا وجلٍ
فالنورُ بالكون في ( إقرأ )نِ أسفاطُ
معادنُ الروحِ بالميزانِ أصغرُها
ووزنها منذُ بدءِ الخلقِ قيراطُ
……………………
👁️ عدد المشاهدات: 72
