(مَنْ أَنا؟) – الشاعرة/ زينب هاشم شرف .. البحرين

أنا السؤالُ عَنِّي

أنا بَعضي

أنا جَميعي وأكثر

أنا كُلُّكُمْ لأني اِلْتَهَمْتُكُمْ غَدًا

أنا الإجاباتُ في مِلْحٍ لا يذوقُ البَياضَ

ولا يرى

مِنْ أَيِّ بَحْرٍ تبدأُ سلسلةُ الوَرد

أنا الشَّكُ في كَلامي

أَقول: أحبُّكَ

وأركلُ بطني

أنا الأمعاءُ الدقيقةُ للكراهية

الدهسُ المتواصِلُ لِريشِ الشهْوة

أنا

أنا سهادُ الرُمّانِ في كَفِّ قاتلٍ مأجور

أنا الدولارُ وخبزُه المُلَطَّخُ بالقصائد

أنا سَخافةُ القوافي

و هامِشِيَّةُ الموسيقى

أنا كثيرةٌ يا إلهي

كثيرةٌ جدًا عَلَيَّ

تفيضُ بي نفسي

وكأَنّي

كأني جميعٌ

أرى الكثيرَ

أنكمشُ

وأنفجرُ

ككلمةٍ تسقطُ سهوًا من عينيكَ في ليالي الأزل:

“كُنْ”

أنا أكثرُ مما يجبُ وأقلُّ مما أريد

هيا اِقْطِفوني

مَزِّقوني قبْلَ الفجر سحورًا لفِتْياتِكم

سقراطُ بثديَيْن ذابليْن

يُلْقي تَعاويذَهُ على حليب الهراطقة

أنا كثيرةٌ

وصغيرةٌ

أنا مُناوَشاتُ لَيْلَى وَحَوّاء

حَوْلَ عُضْوِ آدم

أنا النوويُّ الساكتُ في جَيْبِ جنرالٍ هنديّ

أنا خطى ماركس على سخامِ الأرصفِة في بيرمينغهام

أنا تَأْتَأَةُ الأَجيرِ وهو يفسِّرُ جوعَه للراتبِ الهزيل

أنا فائِضُ القيمَة

أنا البروليتاريا وسُعالُ سبارتاكوس

أنا الزهدُ في شفاهِ حبيب

أنا خنجَرُ يزيد وقُبلةُ الحسين

أنا سفينةُ نوح إِذْ تحُّكُ رأسَها فَيغرقُ سام ومعه تطفو جثثُ الشِلّة الفاسدة

أنا أفريقيا الحَنون

بِكلِّ شُعرائها الخالدين

أنا الكولتان والزفت

وسؤالُ الأُم عَن طِفْلَيْها في سُفن البِيضِ

عن بُكائِهما على رموشِ الأطلسي

أنا الحُمّى والغرق

وأنا تاجر العبيد

والقبطانُ المنتحِر

أَوَدُّ لو أَكونُ أَقَلَّ مِنّي

لا

بَلْ أَطمَحُ لو أصيرُ أكثرَ

آه يا للذة

أنا الرحمن

والشيطان

وما تَناثَر من لعابهما على كلاب الجحيم

(يتبادلان القبلات في الكواليس)

كَمْ كثيرةٌ عَلَيَّ هذهِ الزَيْنَبُ يا رَبُّ!

ثِماري تَمخضني

ثماري تبصقني

اقطفني

اقطفني

السأمُ فاكهتي

والعبث أفعاي

وطبولي لا تُدَقُّ إلا حين يتعانق عاشقان أمام الفرن

ولكن، أنت تنمو في شرق روحي

يا بائع الخضار الحزين

من أنا؟

من أنا؟

ولا تجيب الضفادعُ

أنا مفاوضاتٌ تدغدغُ أقدامَ الحرب

أنا خيمةٌ تتهاوى عِشْقًا على أطفالها

أنا طوبٌ يهوي ليمسحَ رأسَ الأرملةِ فيفضَخهُ

أنا آدمُ وهو يعضُ دفاترَ الندم

يرمي أصابعه في النهر

فَرِحًا بخطيئتِه

هذه التفاحةُ تستحق أن أعصيك يا ربي

ما أحلاها وأحلاكَ يا ربي

أنا ضئيلةٌ كالسوبرنوفا

وهائلةٌ كحرف النون في ضحكةِ عاشقة لن تبوح

أنا

وَسْوَسَةُ النرجسِ للعُزّى

وَتَأْليبُ البياضِ على الياسمين

كم أنا

وكم

وكم!

أنا الرصاصةُ والرأس

الوجهُ والصفْعة

العين والمشهد الإباحي

الدعاء والتجاهل

الحُبُّ والتكَّبر

شوبنهاور والتفاؤل

القسيسُ والصلعاء

الزُهرةُ والماجما

الفيروس ومضاداتُ الاكتئاب

اللعنةُ والبَرَكَة

اللؤلؤ وحيدًا رفقةَ حبةِ رملٍ في الربع الخالي

أنا نحيبُ القيامةِ وهي تلغي نفسها من سِجِّل الأحداث

أنا هروب الأم

وأكثر

أقل

…………………..