Skip links

مَمَرٌّ لا مَقَرٌّ – (دع الخلق للخالق) – بقلم الشاعر/ أشرف عزمي .. مصر

هل جربت يومًا أن ترهق نفسك بالحكم على الآخرين، أو تحمل قلبك فوق طاقته بأسئلة لا تنتهي عن أفعال غيرك؟

كثيرون منا يعيشون هاجس مراقبة الخلق ومحاسبتهم، كأنهم وُكّلوا وحدهم بتصفية الحسابات أو إصلاح العالم على هواهم.

الحقيقة أن الحياة أعمق وأضيق من أن نقضيها في مطاردة تفاصيل لا تخصنا، وأن تركيز العيون على أخطاء الغير يسلب القلب راحته ويشوّش على عمق علاقته بالخالق.

جوهر “مقولة دع الخلق للخالق” أن الإنسان عليه الانشغال بنفسه أولًا، وإعمار قلبه وأيامه بما ينفعه، ثم ترك أسرار الناس ونواياهم لله وحده.

في عمق هذه الحكمة تكمن دعوة بسيطة لكنها عميقة: انشغل بنفسك وببنائك الداخلي أولًا، ثم اترك أسرار الناس ونواياهم لله.

ليست دعوة للحد من التفاعل، بل خارطة لسلام داخلي وعلاقات صحية، بحيث لا يتحول الفضول إلى عبء يثقل القلب.

يقول الله تعالى في الأنعام 164: “ولا تزر وازرة وزر أخرى” يحفظ لكل إنسان حق المساءلة أمام الله وحده.

والنبي محمد ﷺ يقول: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ

ويؤكّد أيضا أن الدين النصيحة، وأنها توجّه لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، مع التمييز بين النصيحة البنّاءة والتطفل أو الحكم على النوايا.

هناك فرق كبير بين إسداء النصيحة في الواضح، وبين الانشغال بما لا يعنينا من أسرار الناس أو عيوبهم الخفية.

فمن الحكمة والرحمة ترك الخلق للخالق فيما لم تستطع تغييره أو إصلاحه.

هدوء القلب يبدأ من هنا: تفرّغ نفسك لبنائك، وتترك للناس مساحة يكملهم فيها اللطف الإلهي والستر.

فلنتوقف ونتروى سويا ونحاول جاهدين أن نعمل بما هو آت:-

  • التوقف قبل الكلام: هل ما سأقوله يساعد أم يضر؟
  • صيغة النصح البنّاء: اذكر الفكرة، ثم أعرض خيارًا عمليًا مع تطبيق ممكن.
  • احترام خصوصية الآخرين وتجنب تتبّع النوايا.
  • تطوير الذات بدل مراقبة الآخرين كمسار للنمو.

ولنعلم أن ترك الخلق للخالق يفتح نافذة لسلام داخلي، فالتوازن العاطفي ينمو حين نركز على ما نملك من داخلنا ونترك المساحة لمن يقتضي الأمر أن يفتح خياره في حريته.

كما أن صحتنا النفسية والشعور بالرضا والسعادة يتجلى بأن نعمل جاهدين بهذة الحكمة ليتحقق لنا تقليل التوتر الناتج عن المقارنة ومراقبة الآخرين، وزيادة الثقة بالله والطمأنينة.

في نهاية كل طريق، سيحاسب الله كل إنسان بمفرده، ولن يُسأل أحد إلا عن نفسه.

فلننشغل بما نملك تغييره في عالمنا الداخلي ودائرتنا الصغيرة، وندع حكمة الخالق تدير الباقي.

خُلقنا لنصلح ذواتنا ونزرع الأثر الطيب، لا لنكون قضاة نمشي في حياة الآخرين.

ولنترك تفاصيل الناس لله، لنجد السلام في صدورنا.

ولنتذكر دائمًا أنها مَمَرٌّ لا مَقَرٌّ …

إلى الجمعة القادمة

……………………………….

👁️ عدد المشاهدات: 19

Leave a comment

arArabic
Explore
Drag