أصدر مركز أبوظبي للغة العربية، ضمن مشروع “كلمة” للترجمة، الكتاب الأدبي التاريخي “الهويات الثقافية البدوية والعباسية.. قصة مجنون ليلى العربية”، للكاتبة الباكستانية الدكتورة رقيّة ياسمين خان، والذي ترجمه عن الأصل الإنجليزي إلى العربية، الدكتور أحمد إيبش، وراجعه الدكتور يوسف حمدان.
ويتناول الكتاب سيرة “مجنون ليلى” قيس بن الملوّح العامري، أحد كبار الشعراء الذين عاشوا في القرن الأول الهجري إبّان الحكم الأموي، ضمن دراسة أكاديمية متعمّقة لهذه القصّة العربية الشّهيرة، تتجاوز التّفسيرات الرّومانسية التقليدية لتقدّم تحليلاً جديداً يعتمد على الأبعاد الثقافية والتاريخية؛ إذ تهدف المؤلفة إلى تصحيح بعض الآراء الغربية السّائدة حول القصّة، من خلال إظهار مدى تأثرها وتشكيلها عبر تفاعلات الهويات الثقافية البدوية والعبّاسية.
ويتعمّق الكتاب في جذور القصّة البدوية الأصلية، التي تُعبّر عن قيم الصّحراء ومفاهيم “العشق العذري”، إذ كان يُنظر إلى “قيس بن الملوَّح” على أنه مثالٌ للحُبّ الصّادق والنّقي، الذي لا يطلب الوصال الفعلي، كما يركّز الكتاب على حقيقة أن “الجنون” في حالة هذا الشاعر ليست دلالة على مرض عقلي، بقدر ما هو تعبير عن التّفاني المُطلق في الحب، وإشارة إلى مكانة العاشق الرّفيعة التي تفرضه على المجتمع.
بعد ذلك، تتتبّع المؤلّفة مسار تحوّل القصّة وانتقالها إلى العصر العبّاسي، حيث أُعيد تأويلها لتناسب السّياقات الحضرية والمُعقّدة لبغداد. في هذه الفترة، أُعيدت قراءة القصّة تحت تأثير الفلسفة اليونانية المُترجمة حديثاً (خاصّة أفلاطون وأرسطو)، فنرى شخصية «مجنون ليلى» وقد تحوّلت من عاشق بدوي يجسِّد نقاء الحُبّ إلى شخصية أدبية وفنية تُستخدم لاستكشاف قضايا أكثر عمقاً، مثل “الذّات”، و “الوحدة الوجودية”.
المؤلِّفة
الدكتورة رقية ياسمين خان، باحثة أكاديميَّة أميركيَّة من أصول باكستانيَّة. تولَّت مناصب تدريسية مختلفة في الولايات المتحدة، وتشغل حاليّاً منصب أستاذ مشارك وأستاذ كرسي بقسم الدراسات الإسلامية في جامعة كليرمونت للدراسات العُليا. تشمل اهتماماتها البحثية الأدب العربي (المُبكر والحديث)، والدراسات القُرآنية، ودراسات الجُنوسَة/ المرأة، والإسلام والعصر الرَّقمي. وتشمل اهتماماتها العلمية العصور القديمة المتأخِّرة والإسلام، وأصول الإسلام وثقافات دمشق الأُمَوية وبغداد العبَّاسية. وهي مؤلِّفة كتاب «الذات والسِّريَّة» في صدر الإسلام (2008)، الذي يرسم خريطة للعلاقات بين مفهومَي السِّريَّة والهُوِيَّة في الثَّقافات الإسلامية المُبكرة؛ وهي أيضاً محرِّرة كتاب «مُحمَّد في العصر الرقمي» (2015).
المترجم
الدكتور أحمد إيبش: باحث في تاريخ القرون الوسطى والعصر الحديث، وروائي، ومتخصص في علم الفيلولوجيا (فقه اللُّغات)، فرع النَّقد النصِّي. درس التَّاريخ في الجامعة الأميركيَّة في بيروت، وجامعات تركيا: أورطا دو، وبوغازيجي، وإسطنبول. محاضر ومشارك في ندوات ومؤتمرات دولية. صدر له ثلاث دراسات أكاديمية عن الكتب المقدَّسة: إنجيل متَّى، والتَّلمود، وإنجيل بارْنَبا، فضلاً عن عشرات الكتب عن تاريخ دمشق وبلاد الشام والخليج العربي. وله عشرات الأعمال المترجَمة، أكثرها ضمن إصدارات دائرة الثقافة والسِّياحة أبوظبي، في سلسلة «روَّاد المشرق العربي» ومشروع «كلمة»، عن نصوص الرَّحَّالين الأوروبيين في الشَّرق الأوسط والجزيرة العربية خاصة. وله أيضاً أبحاث ومقالات منشورة في مجلات علمية. يترجم عن أكثر من 7 لغات، ويكتب بالعربية والإنجليزية والفرنسية.
نبذة عن مشروع (كلمة) باللغة العربية:
تأسس مشروع “كلمة” للترجمة، التابع لمركز أبوظبي للغة العربية، سنة 2007، بهدف إحياء حركة الترجمة في العالم العربي، ودعم الحراك الثقافي الفاعل الذي تشهده أبوظبي للمساهمة بدورها في خارطة المشهد الثقافي الإقليمي والدولي؛ من أجل تأسيس نهضة علمية ثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية، يُمثّل فيها الكتاب حجر الزاوية والمرتكز، إلى جانب تنظيم الفعاليات والأنشطة المتصلة بالترجمة، والمشاركة في أبرز معارض الكتاب الدولية. ينتقي المشروع ترجماته من أبرز الكتب العالمية في شتى مجالات المعرفة، ومن مختلف اللغات الحية، بالشراكة مع أشهر دور النشر العالمية، وتتوفر إصداراته في الصيغ الورقية والإلكترونية والصوتية.
نبذة عن مركز أبوظبي للغة العربية:
تأسس مركز أبوظبي للغة العربية، الذي يتبع دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، بموجب القانون الصادر عن رئيس الدولة لدعم اللغة العربية، ووضع إستراتيجيات عامة لتطويرها والنهوض بها علمياً، وتعليمياً، وثقافياً ،وإبداعياً، وتعزيز التواصل الحضاري، وإتقان اللغة العربية على المستويين المحلي والدولي، بالإضافة إلى دعم المواهب العربية في مجالات الكتابة، والترجمة، والنشر، والبحث العلمي، وصناعة المحتويين المرئي والمسموع، وتنظيم معارض الكتب، ودعم صناعة النشر في المنطقة، ولتحقيق ذلك يعتمد المركز على برامج متخصصة، وكفاءات فذة، وشراكات مع كُبريات المؤسسات الثقافية والأكاديمية والتقنية حول العالم، انطلاقاً من مقره في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
نبذة عن دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي:
تتولى دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي قيادة النمو المستدام لقطاعي الثقافة والسياحة في الإمارة، وتغذي نمو العاصمة الاقتصادي، وتساعدها على تحقيق طموحاتها وريادتها عالمياً بشكل أوسع.
ومن خلال التعاون مع المؤسسات التي ترسخ مكانة أبوظبي وجهة أولى رائدة؛ تسعى الدائرة إلى توحيد منظومة العمل في القطاع حول رؤية مشتركة لإمكانات الإمارة، وتنسيق الجهود وفرص الاستثمار، وتقديم حلول مبتكرة، وتوظيف أفضل الأدوات والسياسات والأنظمة لدعم قطاعي الثقافة والسياحة.
وتتمحور رؤية دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي حول تراث الإمارة، ومجتمعها، ومعالمها الطبيعية. وهي تعمل على ترسيخ مكانة الإمارة وجهة للأصالة والابتكار والتجارب المتميزة متمثلة بتقاليد الضيافة الحية، والمبادرات الرائدة، والفكر الإبداعي.
…………………………….
👁️ عدد المشاهدات: 66