
أَوِي إِلَى نَوْمَتِي شَوْقًا لِمَنْ عَبَرُوا
وَأَشْتَهِي حِكْمَةَ الْآيِ الَّتِي بَصَرُوا
أَسْتَشْرِفُ اَلْحُلْمَ مُعْتَزًّا بِجِيئَتِهِ
إِذْ الْمَتَاهَةُ عَمَّتْ كُلَّ مَنْ فَجَرُوا
وَمَوئِلِي نَابِهٌ أبْدَى تَرَفَّعَهُ
عَنْ الصِّدَامِ وَإِنْ كَانُوا بِهِ جَهَرُوا
أَجُولُ عَوْدًا إِلَى الْأَيَّامِ أَسْأَلُهَا
وَأَقْتَفِي نُورَهُ وَالْقَلْبُ يَنْبَهِرُ
فَفِي عَمِيقِ الزَّمَانِ اهْتَزَّ بِي وَتَرٌ
كَأَنَّمَا قَدْ تَلَاقَى الْقَصْدُ وَ الْقَدَرُ
فَأَبْصَرَُ الْقَوْمَ فِي وَادٍ يُشَاغِلُهُمْ
رَعْيَ الْخِرَافِ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ هَجَرُوا
حَتَّى تَوَارَتْ حِذَارَ الْعَدْلِ شِيمَتُهُمْ
وَعَمَّهُمْ مَنْ طَغَى بِالْجَوْرِ يَنْتَصِرُ
وَصَوَّرُوا مِنْ صُخُورِ الْأَرْضِ آلِهَةً
وَيَعْكُفُونَ عَلَيْهَا إِنْ هُمْ انْكَسَرُوا
فَأَظْلَمَتْ حَوْلَهُمْ مِنْ جَهْلِهِمْ رُقَعٌ
وَتَاهَ فِي كُلِّ شِعْبٍ عِنْدَهُمْ نَفَرٌ
إِلَّا شُعَاعًا عَلَا مِنْ بَيْنِهِمْ نَزَقًا
يُنَاجِزُ الضَّوْءَ لَا تَخْبُو لَهُ صُوَرٌ
قَصَدْتُهُ رَاغِبًا فِي وَحْيِ سِيرَتِهِ
وَشَفَّنِي رَاعِدًا مَا كُنْتُ أَنْتَظِرُ
إِذْ السَّمَاءُ ضِيَاءٌ فَوْقَ هَالَتِهِ
يَسُوءُهَا رَاكِعٌ قَدُ أمَّهُ حَجَرٌ
فَحْفَّزَ الضَّوْءُ سَعْيِي دُونَمَا كَلَلٍ
وَكُلُّ خَطْوٍ لَهُ فِي قَلْبِيَ الْأَثَرُ
مِنْ السَّمَاءِ شِهَابٌ قَاصِدًا طَوْدًا
فَتَنْبُرِي شُعْلَةٌ بِاللِّينِ تَنْتَشِرُ
عَلَى سُفُوحِ الْجِبَالِ يَظَلُّ مَسْقَطُهَا
يَرْوِي عَجِيبَ التَّأَبِّي عِنْدَ مَنْ نَفَرُوا
وَ كَيْفَ لَانَتْ عُقُولُ الْبَعْضِ فِي دِعَةٍ
رَغْمَ الصِّعَابِ فَمَا عَادُوا وَمَا حَذَرُوا
وَصَارَ كُلُّ وَلِيدٍ شُعْلَةً نَبَضَتْ
تُؤُمْ خَلْفَ سُرَاهَا الْهَدْيَ يَبْتَدِرُ
لَنْ أَطْلَقَ الْمِثَلَ فَالْأَشْبَاهُ تُصْغُرُهُ
فَقَدْ تَصَاغِرُ مِنْ ضَوْءٍ لَهُ الْقَمَرُ
أَضَاءَ بَيْنَ فِجَاجِ الْأُفُقِ، مَا غَرَبَتْ
مِنْهُ الْهِدَايَةُ إِذْ أَصْغَى لَهَا الْبَشَرُ
وَ سِيرَةٌ لَمْ تَزَلْ لِلنَّاسِ حَاضِرَةٌ
فَكُلُّ يَوْمٍ تُضَافُ الْآيُ وَالْعِبَرُ
وَوَصْفُهُ بِالْبَيَانِ اخْتَصَّ أَزْمِنَةً
مَا عَاشَهَا سَابِقًا أوْ جَاءَهُ الْخَبَرٌ
وَ آتِيَاتٌ مِنْ الْأَحْدَاثِ لَمْ يَرَهَا
وَ مُعْجِزَاتٍ مَعَ الْأَيَّامِ تُحْتَضَرُ
مَدَّدْتُ سَعْيَي فَمَا وَافَيْتُ مَوْضَعَهُ
إِلَّا عَلَى لَامِعٍ بِالصِّدْقِ يَشْتَهِرُ
وَنَافِعٍ مَا سَرَى إِلَّا إِلَى ثَمَرٍ
يَا سَعْدَ مِنْ فِقْهُهُ يَعْلُو بِهِ الثَّمَرُ
رِبَايَةٌ فِي رَبَا الرَّحْمَنِ مَنْشَأُهَا
وَوَحْي صِدْقٍ وَبِالْقُرْآنِ يَأْتَمِرُ
وَلِيَلُ عَبْدٍ إِلَى الرَّحْمَنِ وُجْهَتُهُ
وَبِالنَّهَارِ فَنِعْمَ الْحَاكِمُ الْقَدِرُ
يَسُوسُ دُنْيَا وَيُهْدِي رَكْبَهَا أُسُسًا
يَطِيبُ مِنْ فَيْئِهَا الْإصْبَاحُ والسَّحَرُ
يا صَاحِبَ الْحَوْضِ جِئْتُ الْآَنَ فِي رَهَقٍ
مِنَ الْخَيَالِ وَيُغْرِي عَقْلِي السَّفَرُ
حَتَّى بَلَغْتُكَ رِئْيًا فِي مُخَيِّلَتِي
وَهَالَنِي مَا حَوَاهُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِحُلْمِ النَّوْمِ مَكْرُمَةً
وَبِالشَّفَاعَةِ خُذْنِي ضِمْنَ مَنْ عَبَرُوا
…………………………..