
على طريقٍ خربٍ
تتساقطُ الخطى كذاكرةٍ بلا ظلٍّ
تفتّشُ بين الأصابعِ اليابسةِ
عن عنقودٍ نجا من القصفِ.
بيوتٌ مفتوحةٌ على العدمِ
رغيفٌ…
كشبحٍ ينسابُ في أنينِ الحكاياتِ
يضحكُ الجوعُ
من صوتهِ المبلّلِ بالعطشِ
يصفرُ في العظامِ.
هديرٌ لا ينقطعُ
السماءُ تسكبُ طائراتها
كما يسقطُ الخوفُ في فمِ الليلِ
نعدُّ أنفاسَ الخبزِ بين الأنقاضِ
نتذوّقُ صدى يومٍ لم يعدْ.
الأمهاتُ يمرّرنَ طبقًا فارغًا
حول موقدٍ مطفأٍ
يزرعنَ أملًا يائسًا
في أعينِ جياعٍ تتلاشى أجسادُهم
أعينُهم معلّقةٌ بسرابِ دفءٍ
يتلوّى على لسانِ الذكرى.
طفلٌ يتوغلُ في الركامِ
يحملُ قلبًا صغيرًا
وحجرًا من رمادِ الموتى.
يسألُ الغبارَ عن أمهِ:
أيُّ زاويةٍ خبأت جوعَها؟
الفتياتُ يهمسنَ:
القمحُ نسي طريقَه إلينا.
نعدُّ نبضَ الجوعِ
كما تُعدُّ الخساراتِ.
ينامون على حلمٍ
بطيفِ شربةِ ماءٍ
يرسمون أوطانهم
بأصابعٍ مكسورةٍ
على جدرانٍ تزدحمُ بقصصِ الراحلين.
ليستْ غصةٌ
خيالُ خبزٍ يتسلّلُ في المنامِ
طفلٌ يبحثُ في الركامِ
عن فتاتِ دفءٍ
عن وجبةٍ تائهةٍ نسيت اسمها.
تتبدّلُ معاني الأشياءِ:
الحليبُ رفاهيةٌ
الصبرُ وجبةٌ يوميةٌ لا تُشبعُ
الجسدُ ذاكرةٌ
تبحثُ في الهواء عن ظلّ جناحٍ.
الجوعُ ينامُ في الكلامِ،
في دفاترِ المدرسةِ،
في ابتسامةِ فتاةٍ
تفقدُ أبجدية طفولتها،
في يدِ ولدٍ يطرقُ البابَ
في حقيبتهِ
حجرٌ ودمعةٌ.
العالمُ
يمشي بخطى مصنوعةٍ
فوق الرغيفِ الساقطِ،
يمضغ قهقهةَ السلطةِ،
يرتب مشاهدَ البؤسِ
في نشراتِ الأخبارِ.
خطاباتٌ من شرفاتٍ بعيدةٍ
يتفاوضون على الخساراتِ
يعدون بخبزٍ
لا يأتي إلا في القصائدِ.
في كلِّ مائدةٍ ممتلئةٍ
مكانٌ شاغرٌ
يسكنه جوعٌ بلا اسمٍ
خرائطٌ مرسومةٌ بدمٍ
لا يرى من وراء الزجاجِ.
الجوعُ
جريمةٌ تمشي بيننا
تحرسها حكوماتٌ
تدعمها صفقاتٌ
وتنكرها عيونُ الأمهاتِ.
ربما حبةُ قمحٍ
ضاعت من بين أصابعِ العبثِ
تنبت يومًا ما
مائدةً للجميعِ
أُجبرنا على ألا نحلمَ بها.
………………………
👁️ عدد المشاهدات: 493